كشف تصريح رئيس الحكومة نواف سلام بعد لقائه رئيس الجمهورية جوزاف عون، أول من أمس، عن مجموعة من العقبات التي لا تزال تعترض ولادة الحكومة العتيدة، خصوصاً بالنسبة إلى مطالب الكتل النيابية، حيث أن المعلومات عمّا يطرح بالنسبة إلى طريقة مقاربة التمثيل الشيعي، دفعت بالعديد من الجهات إلى المطالبة بتطبيق المعايير نفسها على الجميع دون إستثناء.

هذا الواقع، الذي يعيد إلى الأذهان نموذج المحاصصة في تشكيل الحكومات، وضع سلام أمام ضغوط كبيرة، عبرت عنها الحملات التي تشن على مواقع التواصل الإجتماعي، حيث بات من الممكن الحديث عن أن رئيس الحكومة المكلف أصبح بين مطرقة مطالب الكتل النيابية وسندان تلك الحملات، في حين هو لا يستطيع تجاوز الأمرين معاً، نظراً إلى أن أي تشكيلة حكومية تحتاج إلى ثقة المجلس النيابي، بينما هو لا يستطيع أن يتخطى العناوين العريضة التي يضعها.

إنطلاقاً من ذلك، تلفت مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أنّه لا يستطيع أن يطبق معايير مختلفة في عملية التأليف، وبالتالي لا يمكن له التعاون مع ما يطالب به الثنائي الشيعي، أي "حزب الله" و"حركة أمل"، بينما يرفض هذا الأمر مع باقي الكتل النيابية، وتشدد على أن المسؤولية تقع على عاتقه، لتأمين التوازن في التعامل مع الجميع، في ظلّ المسؤوليات الكبيرة الملقاة على عاتق الحكومة المنتظرة.

وتشير هذه المصادر إلى أنّ الحديث عن الحاجة إلى تشكيل حكومة كفاءات، من دون تدخل القوى السياسية، على أن تعطى الفرصة من قبل الكتل النيابية، أمر جيد، لكنها تؤكد أن ذلك يجب أن يكون المبدأ الذي يطبق على الجميع، لا أن يكون هناك من يستطيع أن يختار الحقائب التي يريدها، كما يسمّي الوزراء الذي يرتاح لهم، في وقت يطلب من الآخرين الموافقة من دون نقاش.

في هذا السياق، تُطرح الكثير من السيناريوهات، حول الخيارات التي من الممكن أن يذهب إليها رئيس الحكومة المكلّف، لتجاوز هذه العقبات، وبالتالي تأمين ولادة الحكومة سريعاً، كما يطمح هو ورئيس الجمهورية، أبرزها أن يقدّم تشكيلة حكوميّة لا غبار عليها، على أن تتحمل الكتل النيابية مسؤولية عدم منحها الثقة، في المجلس النيابي، أمام الرأي العام المحلي والمجتمع الدولي.

من حيث المبدأ، يستطيع سلام أن يبادر إلى هذه الخطوة، مستفيداً من الزخم الداخلي والخارجي، الذي رافق عمليّة إنتخاب عون وتسميته، بحسب ما تؤكّد أوساط سياسية متابعة، بشرط أن تتوفر له قوّة الدفع الخارجيّة القادرة على تخطّي العقبات، على إعتبار أنها تستطيع أن تؤمن تجاوز القسم الأكبر منها، لكن في حال لم تتوفر تلك القوة، في عمليّة نيل الحكومة الثقة، فإن ذلك قد يكون مغامرة غير محسوبة النتائج، وبالتالي لا يمكن المبادرة إليها.

في المحصلة، ترى هذه الأوساط أن ما يعبر عنه بعض النواب، بالنسبة إلى كيفية تعاطي بعض الموفدين الدوليين والسفراء معهم، لناحية وضعهم أمام خيارات محدّدة دون أن يكون لهم القدرة على الإعتراض، دليل على قدرة قوّة الدفع الخارجيّة في المرحلة الراهنة، وتلفت إلى أن هذا الأمر، على ما يبدو، هو الذي سيكون سائداً عند كل الإستحقاق.